الرئيسية \ اصدارات \ مقالات \ قانتات حافظات \ قانتات حافظات – ح2 - فقرة المرأة المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

قانتات حافظات - فقرة المرأة المسلمة – الحلقة الثانية

صفاتٌ اقترنتْ مع بعضهِا البعض في أكثرِ مِن موقعٍ في القرآنِ الكريم ، جاءت لتحققِ طُهرَ الجماعةِ الإسلاميةِ وإقامةِ حياتِها على القيم التي جاء بها الإسلام

قال تعالى : "فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ" ( النساء 34)


وقال أيضا " إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" ( الأحزاب35)


جاء في تفسير الطبري في قولهِ تعالى " إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ..." حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمَعْمَر , قَالَ : ثنا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَاحِد , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن حَكِيم , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن شَيْبَة , قَالَ : سَمِعْت أُمّ سَلَمَةَ زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُول : قُلْت لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّه , مَا لَنَا لَا نُذْكَر فِي الْقُرْآن كَمَا يُذْكَر الرِّجَال ؟ قَالَتْ : فَلَمْ يَرُعْنِي ذَاتَ يَوْم ظُهْرًا إِلَّا نِدَاؤُهُ عَلَى الْمِنْبَر وَأَنَا أُسَرِّح رَأْسِي , فَلَفَفْت شَعْرِي ثُمَّ خَرَجْت إِلَى حُجْرَة مِنْ حُجَرهنَّ , فَجَعَلْت سَمْعِي عِنْدَ الْجَرِيد , فَإِذَا هُوَ يَقُول عَلَى الْمِنْبَر : " يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ اللَّهَ يَقُول فِي كِتَابه : " إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات" . . . . إِلَى قَوْله :" أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مَغْفِرَة وَأَجْرًا عَظِيمًا"

صفاتٌ وصفَ بها اللهُ تعالى النساء، وليست كل امرأةٍ صالحةً حافظةً قانتة. مع العلمِِ أنّ كلَ امرأةٍ مسلمةٍ يجب أن تكون كذلك. كيف لاتكونُ والإسلام يعني الاستسلامَ والانصياع لأوامر الله سبحانه وتعالى


فمن طبيعةِ المؤمنة الصلاح ، ومن صفاتِها الملازمةِ لها ، بحكم إيمانها


فالصلاح يعني الإستقامةَ ويعني أيضاً الخلو من العيبِ والفسادِ


قال الطبري في تفسيرِ قوله تعالى " فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ" ( النساء 34)


الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى :" فَالصَّالِحَات " يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَالصَّالِحَات } الْمُسْتَقِيمَات الدِّين , الْعَامِلَات بِالْخَيْرِ


ومن صفاتِ المؤمنة الصالحة الملازمة لها - بحكم إيمانها وصلاحها - أن تكونَ قانتةً، مطيعةً.


والقنوتُ طاعةٌ عن إرادةٍ وتوجهٍ ورغبةٍ مُحبةٍ لا عن قسْرٍ وإرغامٍ وتفلتْ . ولو نظرنا الى النصِ القرآني حيث قال اللهُ تعالى : " قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ " ولم يقلْ طائعاتْ، ذلك أنّ مدلولَ اللفظِ الأولِ نفسي، وظلالَه رَخيةٌ ندية مما يليقُ بالسكنِ والمودةِ والسترِ والصيانةِ والحفظِ ....


جاء في (المغني):-القَانِتُ:- القائمُ بالطاعةِ للهِ، الدائمُ عليها


فالمرأةُ القانتةُ هي تلك المرأةُ القائمةُ بالطاعةِ المتعبدةُ والمطيعةُ للهِ سبحانه وتعالى.

وجاءَ أيضاً معنى القنوتِ في تفسيرِ قولِه تعالى " فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ" للطبري
وَقَوْله : { قَانِتَات } يَعْنِي : مُطِيعَات لِلَّهِ وَلِأَزْوَاجِهِنَّ

أما الحافظاتْ هي من الفعل حَفِظَ والحافظ هو القيّم على الشيء ويقال لمن وعى القران عن ظهر قلب بأنه حافظٌ للقران، اي وعاه

والحفظ هو صيانة الشيء وحراسُتُه. وقد طلب الله من المرأة حفظَ فرجها بقوله تعالى: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ.


وأما قوله:"حافظاتٌ للغيب"، فإنه يعني: حافظاتٌ لأنفسهن عند غيْبة أزواجهن عنهُنّ في فروجهن وأموالهم، وللواجب عليهن من حق الله في ذلك وغيره. بل وحافظةٌ لصلتها بينها وبين خالقها الذي أمرها بعبادته والانصياعِ لأمره حافظةٌ للواجبِ عليها من حق الله....


عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْر النِّسَاء الَّتِي إِذَا نَظَرْت إِلَيْهَا سَرَّتْك وَإِذَا أَمَرْتهَا أَطَاعَتْك وَإِذَا غِبْت عَنْهَا حَفِظَتْك فِي نَفْسِهَا وَمَالِك )

وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمَر : ( أَلَا أُخْبِرُك بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُهُ الْمَرْءُ الْمَرْأَة الصَّالِحَة إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ

وهناك أيضاً الكثير الكثير من الصفات التي جاءت بها الآية الكريمة ، من صدقٍ وصبرٍ وخشوعٍ وتصدقٍ وصومٍ وحفظِ فرجٍ وذكر لله..ولكل منها قيمته في بناء الشخصية المسلمة .


تلك الصفات التي طولب بها المسلمُ والمسلمةُ على حد السواء حيث ذُكِرت المرأة في الآية على جانب الرجل لرفع قيمة المرأة وترقية نظرة المجتمع إليها وإعطائها مكانَها الى جانب الرجل .


ومن الصفات التي يجب أن تتصف بها المرأة أيضاً ما جاء في قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " ( الممتحنة12)


في هذه الأية وضع الله سبحانه وتعالى الأسس والمقومات الكبرى، إنها عدم الشرك بالله إطلاقاً وعدمُ إتيانِ الحدود ... السرقة والزنا... وعدم قتل الأولاد ( إشارة الى ما كان يجري أيام الجاهلية من وأد البنات كما انه يشمل قتل الأجنة لسبب من الأسباب ... وهن أميناتٌ على ما في بطونهن ... ولا يُلحقن بإزواجهنَ غيرَ أولادهِن كنايةً عن عدم الزنا. والشرط الأخير في الآية هو الوعد بطاعة الله ورسوله في كل ما يؤمَرْنَ به وهو لا يأمر إلا بمعروف .


والرواية المشهورة في كتب السيرة جاء فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بايِعنَني على ألا تشركن بالله شيئاً)، فقالت (هندٌ بنتُ عتبة): (والله إنك لتأخذ علينا ما لا تأخذه على الرجال)، فقال صلى الله عليه وسلم : (ولا تسرقن)، فقالت: أما إني والله كنت آخذ من مال أبي سفيان الهنّة بعد الهنّة، فما أدري أكان ذلك حلالاً، أم لا؟ فقال أبو سفيان: ما أصبت قبل ذلك فقد عفا الله عنك، فعرفها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: (أنت هند بنت عتبة؟)، قالت: نعم، اعفُ عفا الله عنك... فقال صلى الله عليه وسلم: (ولا تزنين)، فوضعت (هند) يدَهَا على رأسها، وقالت: أوَتزني الحرة؟! فقال صلى الله عليه وسلم: ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديهن وأرجلهن، فقالت: والله إن الإتيان بالبهتان لقبيح، ثم قال: (ولا تعصين في معروف)، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عمر، بايعهن، واستغفر لهنَّ الله.. إن الله غفور رحيم...


هذه إذَنْ صفاتُ المرأة المسلمة القانتة الحافظة، لا تسرق ولا تزني ولا تأتي ببهتانٍ طائعةٌ لله ورسوله بكل ما آتاها به مجتنبةً كلَ ما نهاها الله عنه .

هذه هي الصالحة القانتة الحافظة ، وتلك هي صفاتها ، والتي لو اتصفت بها كانت شخصيةً إسلاميةً متميزة .

بالعفاف تحصنَتْ، شامخةً زمنَ الانكسار، شمعةً في وقت الظلام، صابرة محتسبة عند الابتلاء ، فهي معدنُ الطهر الثمين دُرةٌ بالحق غراء الجبين حاملة الراية مؤدية الأمانة .

فخرٌ لكلّ المسلماتِ على المدى = مثلُ الأُلاتِ الصّاحبات نبيّهِن

الدّاعيات الصّائمات نهارهنْ = الذّاكرات القانتات بليلِهِنْ

الحافظات عُرى الرّجال بظهرهِمْ = الطّاهرات الزّاكيات بفعلهنْ

الصّائنات جمالهنّ بعِفّةٍ = والعارفات الرّاقيات بفكرهِنْ

الخاضعات تبعّلاً لرجالهنْ = متحجّبات دائماً بخروجهِنْ

الأُمّهات الرّاعيات لوِلدهِن = وفق الشّريعةِ باذلات وسعهِنْ

الصّابرات على النّوائبِ تارةً = والكاظمات لغيظهِنّ بعفوهِنْ

الفاتحات بيوتهنّ لدعوةٍ = جمَعَتْ دروسَ الفكرِ منْ إكرامهنْ

النّاشدات خلافةٍ يعلو بها = حكمُ الإلهِ على الجميعِ بأرضِهِنْ

والرّاغبات ببيعةٍ لخليفةٍ = يُعلي النّساءَ مكانةً بخِمارهِنْ

وبجُهدِهِنّ وبذلِهِنّ لدولةٍ = عزّتْ وعزّ لواؤها بجهادِهِنْ

أم سدين

11 من رمــضان 1430

الموافق 2009/09/01م

التعليقات

قانتات