الرئيسية \ اصدارات \ كتب \ (الشخصية الإسلامية (الجزء الثاني

الشخصية الإسلامية (الجزء الثاني)


معرفة الأحكام الشرعية التي تلزم المسلم في حياته فرض عين على كل مسلم، لأنه مأمور بأن يقوم بأعماله حسب أحكام الشرع. ذلك أن خطاب التكليف الذي خاطب الشارع به الناس، وخاطب به المؤمنين هو خطاب جزم لا تخيير فيه لأحد، سواء أكان في الإيمان أم كان في أعمال الإنسان. فقوله تعالى: {ءامِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ}  كقوله: {وأحل الله البيع وحرم الربوا} كلاهما خطاب تكليف. وهو من حيث كونه خطاباً لا من حيث الموضوع الذي خاطبنا به، خطاب جزم. بدليل قوله تعالى: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ }

shakhsya 2

 

 

وبدليل المحاسبة على كل عمل قال تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُِ . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُِ} وقال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ } وقال: {وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ }. فالتكليف جاء بشكل جازم، والمسلم مكلف بشكل جازم أن يتقيد بأحكام الشرع عند القيام بأي عمل من الأعمال. أمّا موضوع التكليف، أي الشيء الذي كلفه الله به طلباً أو تركاً أو تخييراً، فهو قد يكون فرضاً، وقد يكون مندوباً، وقد يكون مباحاً، وقد يكون حراماً، وقد يكون مكروهاً. أما نفس التكليف فهو جزم ولا تخيير فيه، وليس له إلا حالة واحدة وهي وجوب التقيد به. ومن هنا كان فرضاً على كل مسلم أن يعرف الأحكام الشرعية التي تلزمه في الحياة الدنيا. أمّا معرفة ما زاد على ما يلزمه في حياته من الأحكام الشرعية فإنها فرض على الكفاية وليست فرض عين، إن أقامها البعض سقط عن الباقين. ويؤيد هذا ما روي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» وإنه وإن كان المراد هنا كل علم يلزم المسلم في حياته فإنه يدخل فيه الفقه من ناحية الأحكام التي تلزم المسلم في حياته، من عبادات ومعاملات وغير ذلك. ومن هنا كانت دراسة الفقه من الأمور اللازمة للمسلمين، بل من الأحكام التي فرضها الله عليهم، سواء أكانت فرض عين أم فرض كفاية. وقد جاءت الأحاديث الشريفة حاثة على دراسة الفقه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حث على تعلم الفقه، فقد روى البخاري عن طريق معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين»، وعن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» رواه ابن ماجة. فهذه الأحاديث صريحة في فضل الفقه والحث على دراسته. وقد رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «لموت ألف عابد قائم الليل صائم النهار أهون من موت العاقل البصير بحلال الله وحرامه» رواه ابن حنبل.


التعليقات

يافطة الكتب