الرئيسية \ اصدارات \ بيانات صحفية \ التأويل الديمقراطي والحداثي للدستور المغربي أن التشريعات مصدرها القوانين الغربية والاتفاقيات الدولية والسبب الموجب لها هو الضغط الدولي ولا علاقة لها لا بالشعب ولا بالكتاب والسنة

بسم الله الرحمن الرحيم

خبر وتعليق

التأويل الديمقراطي والحداثي للدستور المغربي

أن التشريعات مصدرها القوانين الغربية والاتفاقيات الدولية والسبب الموجب لها هو الضغط الدولي ولا علاقة لها لا بالشعب ولا بالكتاب والسنة


الخبر:


نشرت جريدة المساء في عددها ليوم 08/03/2013 أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان رفع مذكرة اقتراحية إلى الملك محمد السادس بمراجعة القانون المنظم للمحكمة العسكرية واختصاصاتها. ونقلت المساء أنه جاء في المذكرة "أن التعديلات التي يطالب بها المجلس تأتي في سياق سعيه إلى ملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية مع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، إضافة إلى أن المقترحات المتضمنة في المذكرة تم إعدادها بناء على توصيات المنظمات غير الحكومة الوطنية والدولية، بالإضافة إلى مقترحات الأمم المتحدة، مع الأخذ بعين الاعتبار نتائج الدراسات المقارنة للعديد من القوانين المنظمة للمحاكم العسكرية في البلدان الديمقراطية".


التعليق:


ينص تصدير الدستور المغربي على أن المملكة المغربية تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيق المنظمات الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات، وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا. وأنها تؤكد وتلتزم بجعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة.


فالدستور ينص صراحة على سمو الاتفاقيات الدولية ومواثيق حقوق الإنسان التي وقع عليها المغرب على القوانين والتشريعات الوطنية ويجب ملاءمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه هذه المصادقة. والمذكرة الاقتراحية من المجلس الوطني لحقوق الإنسان جاءت في هذا السياق. فالمذكرة في بيان أسبابها في النقطة الرابعة أشارت إلى أنه قد تم اعتبار مجموعة من المرجعيات التصريحية والاعتبارية في صياغتها وهي الدستور ولا سيما تصديره، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اتفاقية حقوق الطفل، البروتكول الاختياري الخاص بعدم مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة، الاتفاقية رقم 29 للعمل القسري لسنة 1930، المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية كما صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة، القرار رقم 24/2007 حول مسألة إدارة العدالة من طرف المحاكم العسكرية المعتمد من قبل اللجنة الفرعية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، مشروع مبادئ تنظم إقامة العدل عن طريق المحاكم العسكرية المقدم أمام لجنة حقوق الإنسان، التوصيات الوجيهة لهيأة الإنصاف والمصالحة. وأوضحت النقطة السادسة في بيان الأسباب الدول الديمقراطية التي استرشد المجلس بقوانينها لاقتراح مذكرته وهي ألمانيا، بلجيكا، كندا، إسبانيا، إيطاليا، المملكة المتحدة وسويسرا. ولا يوجد من بين هذه المصادر لا آية من كتاب الله ولا حديثا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تعتمد أي دراسة عن المحاكم في الإسلام.


ومن جهة ثانية، فإن المجلس صادق على هذه المذكرة من بين أربع مذكرات خلال دورته الرابعة المنعقدة شهر فبراير المنصرم، لكن التنويه بها في بلاغ من الديوان الملكي جاء يوم 02/03/2013 مما دفع بالعديد من المتابعين لربطه بالتقرير التفصيلي عن المغرب الذي عرضه، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، خوان مانديز بالدورة 12 لمجلس حقوق الإنسان يوم 03/03/2013، خاصة وأن رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إدريس اليَزَمي في كلمته على هامش الدورة أطلع مجلس حقوق الإنسان على آخر تقارير المجلس الذي يرأسه والتي تتعلق بالخصوص بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وإصلاح المحكمة العسكرية. فالتنويه بالتقارير الموضوعاتية التي أصدرها المجلس ومنها هذه المذكرة إنما جاء لاستغلالها للتخفيف من الخلاصات السلبية لتقرير مانديز وتفادي الضغوطات الدولية. وهو كذلك تنويه بروح مقاربة وفحوى هذه التقارير كما جاء في بلاغ الديوان الملكي أي أنه تزكية للمقاربة الديمقراطية والتأويل الديمقراطي للدستور في مقابل القراءة المحافظة من الذين دَعوا للتصويت على الدستور وأَوَّلوا منطوق التصدير لإيهام الناس أن الإسلام وأحكامه تسمو على المواثيق الدولية بدعوى أن المغرب بنص الدستور دولة إسلامية.


فنص الدستور وهذه المذكرة التي جاءت استجابة لمقتضياته تؤكد أن المصدر السامي للقوانين والتشريعات في الدولة المغربية هو قوانين الدول الغربية والاتفاقيات والمواثيق الدولية وليس كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن السبب الموجب لهذه القوانين والتشريعات ليس قوة الدليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإنما قوة الضغط من الدول الغربية وأدواتها من منظمات دولية كهيئة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهم...


فيوم الثلاثاء 26/02/2013 صادق البرلمان المغربي بالإجماع على قانون يقضي بتغيير وتتميم قانون مكافحة غسيل الأموال وذلك بتجريم تمويل الإرهاب بما يتطابق مع المعايير الدولية من خلال تجريم الشخص الإرهابي والمنظمة الإرهابية دون ربط ذلك بأي فعل إرهابي محدد.


ومصدر هذا القانون هو الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب لسنة 1999 والتوصيات الخاصة التسع الصادرة من مجموعة العمل المالي GAFI المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب، أما السبب الموجب له فكان الضغط من مجموعة العمل المالي التي أكدت في تقرير لها بتاريخ 22/02/2013 عدم رضاها عن تأخر المغرب في المصادقة على القوانين التشريعية التي تجرم تمويل الإرهاب، وهو ما جعل كلا من وزير الداخلية امحند العنصر ووزير المالية نزار بركة يلحان على النواب البرلمانيين بالإسراع بالمصادقة على هذا القانون، وهو ما تم بالفعل حيث اجتمعت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان يوم 26/02/2013 وصادقت على القانون بالإجماع. ومن المفارقات العجيبة أن الحزب "الإسلامي" ذا الأغلبية الحكومية والذي ظل ينادي لسنوات بإلغاء قانون الإرهاب صادق هو الآخر على قانون تمويل الإرهاب.


إن فكرة سيادة الشعب والشعب مصدر السلطات ما هي إلا كذبة فليس الشعب الذي يضع تشريعاته وإنما التشريعات تُفرَض فرضا على الشعب من فئة متحكمة في البرلمان إما بوجودها فيه فتضع التشريعات أو بوجود النواب تحت سيطرتها فلا يخرجون عن إرادتها. فمجموعة من التوصيات للتشريع والعديد من التشريعات وكذلك السياسات التي يسير فيها المغرب ليست بإرادة أهل المغرب وإنما هي تنفيذ لإرادة الدول الرأسمالية الكبرى من خلال سياسة القروض وضغط المنظمات الدولية.


هذه هي حقيقة التأويل الديمقراطي للدستور وهذه هي حقيقة سيادة الشعب وهي أن تكون القوانين والتشريعات مطابقة لما يريد الغرب فنحيا حياة بعيدة عما تمليه علينا عقيدتنا وما يُحَتّْمُه علينا ديننا. فهل يستفيق الشعب المسلم من سباته؟

محمد عبد الله

     
29 من ربيع الثاني 1434
الموافق 2013/03/11م

 

التعليقات

بيانات